قد يكون البعض منكم، عاش فعلاً إحدى الحروب أو الصراعات خلال الطفولة أو المراهقة، ذاق ويلاتها ونجا منها جسدياً، ولكن روحه لا زالت تتألم. كتب الكثير عن كل ما يتعلق بموضوع الاطفال في الحروب خلال العقدين الماضيين، وتناولت العديد من المقالات مواضيع مختلفة ومتنوعة؛ مثل: كيف تؤثر الحرب على الاطفال، وكيفية إعادة تأهيل الاطفال المتضررين من الحرب، وكيف نحمي أطفالنا أثناء الحرب، والعديد من المواضيع الأخرى المتعلقة في هذا السياق.
فما هي الاثار النفسية للحرب على الأطفال؟ وكيف نهى الإسلام والمجتمع عن إيذاء الأطفال أثناء الحروب؟ سنتحدث اليوم عن هذه الجوانب، وستقدم لنا الأخصائية النفسية للأطفال رهام مرعي بعض النصائح التي من شأنها حماية الصحة النفسية للأطفال أثناء الحروب والصراعات.
الاطفال في الحروب والصراعات في الإسلام والمجتمع
الأطفال أحباب الرحمن، هم أكثر من يتأثر خلال الحروب وبعدها. فأجسادهم لا زالت ضعيفة، وأرواحهم لم تصقل بشكل كامل بعد. وقد أدرك خير الخلق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ذلك، فكان يوصي صحابته إذا ما فُرض عليهم القتال، الذي هو مكروه بالإسلام وله أسبابه المحكومة؛ بعدم قتل الأطفال. قائلاً: “لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً، ولا صغيراً، ولا امرأةً. ولا تغلوا (لا تنهبوا) وضعوا غنائمكم وأصلحوا إن الله يحب المحسنين”.
وأكمل صحابته من بعده فيما بدأ به رسولنا الكريم، فقد قرأنا في وصايا الصحابي الجليل أبو بكر الصديق، لقادته قائلاً: “ألا تخونوا ولا تغدروا ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة. ولا تعقروا نخلاً ولا تقطعوا شجرة مثمرة. ولا تذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكله. وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم للصوامع (أديرة العبادة)، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له”.
أيضاً؛
قالت المديرة التنفيذية لليونيسف: “أصبحت الصراعات حول العالم، تدوم لفترة أطول، وتتسبب في المزيد من إراقة الدماء، وتسلب حياة الشباب دون رحمة. تتواصل الهجمات على الأطفال بلا هوادة، حيث تقوم الأطراف المتحاربة بانتهاك إحدى قواعد الحرب الأساسية: حماية الأطفال. مقابل تصدُّر كل خبر من أخبار العنف ضد الأطفال للعناوين الرئيسية، هناك العديد من أعمال العنف المستمرة ضد الأطفال، والتي لا يتم التبليغ عنها”.
الاثار النفسية للحرب على الاطفال
يشكل التعرض للنزاعات والحروب أثناء الطفولة، العديد من المخاطر اللاحقة والراسخة على الصحة النفسية للأطفال. فقد أشارت الدراسات أن الأطفال الذين عاشوا النزاعات المختلفة في الشرق الأوسط، قد عانوا من اضطراب ما بعد الصدمة بنسبة تراوحت ما بين 18% إلى 68%، خلال النزاعات المتعددة.
قسمت هذه الاضطرابات إلى:
اضطرابات الصدمة الآنية: وشملت الاضطرابات السلوكية، القلق الشديد والخوف من المجهول، بالإضافة إلى التوتر المستمر وعدم الشعور بالأمان، والتبول بالفراش، كما عانى الأطفال من الانعزال، والشعور بالتهديد في كل وقت، أيضاً الشعور بأن الوالدين عاجزان عن حمايته.
اضطرابات ما بعد الصدمة: وشملت الاكتئاب، الإجهاد والهلع، بالإضافة إلى اضطرابات القلق، والإلحاد، أيضاً اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، واضطرابات في النوم، كما عانى الأطفال من الكوابيس الشديدة، والخوف المستمر، وانعدام الأمن والمرارة.
نصائح لحماية الصحة النفسية للأطفال في الحروب والصراعات
- استخدام تقنيات مهدئة تساعد الأطفال عل تفريغ مشاعرهم. مثل الصلاة أو حفظ آيات قرآنية، كتابة مشاعرهم وأفكارهم بشكل يومي، رسم هذه الأفكار والمشاعر بغض النظر عن مهارتهم في الرسم. اللعب بطريقة تساعدهم على إعادة تصوير الأحداث العنيفة التي عاشوها، ممارسة الرياضة داخل المنزل…الخ. كما ويمكنكم أنتم كأهل استخدام هذه التقنيات أيضاً.
- مساعدة الأطفال على تحديد مشاعرهم والتعبير عنها قبل طمأنتهم؛ بقولكم “لا تخف أنا هنا”. يمكنكم الاستعانة بدولاب المشاعر الموجود أدناه. “انظر للأسفل”
- التوقف عن مشاهدة الأخبار أمام الأطفال. يمكننا سماع الأخبار من خلال الهاتف باستخدام السماعات، وذلك لأن الأطفال يتمتعون بقدرة تحمل محدودة، وكثرة الأخبار بالإضافة إلى أحداث عنيفة على أرض الواقع، ستسبب لهم القلق والتوتر.
- عند سماع صوت طيران، يفضل قدر الإمكان وضع صوت عالٍ كصوت أغنية على التلفاز، أو تقصّد الغناء شخصياً. وإن سأل الطفل عن الصوت أو أظهر عوارض الخوف، يمكنكم تهدئته بالقول: “هذا صوت طائرات القصف، وأنا هنا لأحميك. أنت لست وحدك”.
- من المهم كسر التوتر والتقليل من الخوف قدر الإمكان، من خلال الضحك واللعب. كما ويمكنكم قراءة قصص تتضمن أحداث جميلة، ولا ضير أن تكون من نسج خيالكم.
- الحفاظ على الروتين قدر الإمكان. إذا لم يكن لديكم روتين ثابت، فيمكنكم البدء الآن.
- علينا إجابة أسئلة الطفل بقول الحقيقة، ولا يمكننا أن نقول شيئاً لا ينطبق مع ما يحدث على أرض الواقع. وفي نفس الوقت يجب تهدئة الطفل وطمأنته من خلال القول إنكم ستبقون بقربهم وستحمونهم.
- ماذا يجب أن نقول للطفل عما يحدث؟
- أصغر من ٤ سنوات: “هذا صوت قصف أو طيارات حربية، ينفذه أشخاص سيئين أسمهم العدو. أنا بقربك وسأحميك دائماً”.
- أكبر من ٤ سنوات: يمكننا أن نشرح للأطفال في هذا العمر عن النزاع أو الحرب القائمة بشكل مبسط، وكل ما كبر الطفل تزيد المعلومات التي نقولها.
دولاب المشاعر
هو خارطة للمشاعر التي أسسها عالم النفس روبرت بلوتشك. حيث اعتقد أن هناك ثمانية عواطف أولية ذات قطبين: الفرح مقابل الحزن. غضب ضد الخوف. الثقة مقابل الاشمئزاز. والمفاجأة مقابل الترقب. نموذجه أيضا يربط بين فكرة دائرة العاطفة وعجلة الألوان. العواطف الأولية يمكن التعبير عنها تماما مثل الألوان في كثافات مختلفة ويمكنك خلط مع واحد مع الآخر لتشكيل المشاعر المختلفة.
- العدوان = الغضب + حذر رعب ورهبة
- ازدراء = الاشمئزاز + الغضب. ويقابله: تسليم وخضوع
- الندم = الحزن + الاشمئزاز. ويقابله: الحب
- استنكار = وخيبة مفاجأة + الحزن. ويقابله: التفاؤل
- رهبة = الخوف + مفاجأة. ويقابله: العدوان
- تسليم وانقياد = الثقة + الخوف. ويقابله: الاحتقار وازدراء
- حب = مرح + الثقة. ويقابله: الندم
- التفاؤل = التوقع + الفرح. ويقابله: الرفض
تم تصميم عجل المشاعر لمساعدتنا على وضع الكلمات المناسبة للمشاعر التي نواجهها. انظر إلى العجلة، واصل طريقك من الداخل إلى الخارج، ابحث عن أفضل ما يطابق شعورك.