قصة نجاح باحثة وأم بالغربة الدكتورة عائشة محمد

قصص نجاح أمهات ملهمات

قصة نجاح باحثة وأم بالغربة الدكتورة عائشة محمد

قصة نجاح الدكتورة عائشة محمد

حلُمت منذ أيام دراستها الثانوية بالبحث العلمي. جدّت واجتهدت، تغربت وتنقلّت، خرجت عن الصورة النمطية للمرأة العربية، ذلّلت كل العقبات والصعوبات، وفي خضم رحلتها تزوجت وأصبحت أم؛ لتعطيها الأمومة دافعأً أكبر لتحقيق حلمها بالوصول لمراحل علمية متقدمة. وها هي اليوم بالمراحل الأخيرة للحصول على درجة الدكتوراه؛ فكانت قصة نجاح باحثة وأم مغتربة من نصيب الدكتورة عائشة محمد، التي أصبحت فخراً لأطفالها وعائلتها ومجتمعها.

حدود طموحها السماء، شغفها بالعلم وبالكتب وبالكلمات جعل منها امرأة متعددة المواهب. امرأة لا تعرف المستحيل و قريباً الدكتورة عائشة محمد.


عرفينا عن نفسك

اسمي عائشة محمد، أم لطفلين رائعين. طالبة دكتوراه بالمرحلة الأخيرة، باحثة وأكاديمية. لا أستطيع تحديد نفسي بمسمى واحد؛ فأنا لا أمّل من العلم والبحث والدراسة، ولا أكتفي من تحقيق النجاحات وتحصيل الشهادات.

عملت كمتطوعة لأثري كينونتي كإنسان. ثم عملت كمعلمة للغة الإنجليزية. ومع كل خطوة كنت أقترب أكثر من تحقيق حلمي.

كيف أخذتِ الخطوة الأولى في الدراسة بالخارج؟ وما هو أكبر تحدي واجهك؟

اكتشفت شغفي بالبحث العلمي منذ أيام دراستي في المرحلة الثانوية. فسنوات عمري القليلة آنذاك؛ لم تكن عائقاً لإدراكي و تحديدي لما أريد أن أكون. بدأت بوضع الخطط وتحديد العناصر التي ستساعدني لأخط “قصة نجاح باحثة” التي أمر بها اليوم، والتي ستدفعني لتحقيق حلمي والوصول إلي ما أصبو.

كما كنت انتقائية باختيار الفرص التي تتناسب مع شغفي. حيث أتيحت لي فرص رائعة؛ ولكني أصررت على إنتقاء ما يتناسب مع هدفي وحلمي فقط. ثم عندما جاءت الفرصة المناسبة وثبتُ إليها وتمسكت بها.

أما عن التحديات

اعتقدتُ بالبداية أن الغربة هي أكبر تحدٍ سأواجهه. فوجودي بمكانٍ بعيدٍ عن عائلتي وأصدقائي ترك بنفسي اثراً كبيراً! ولكني واجهتُ التحدي الحقيقي في منتصف رحلتي، بأن كرمنّي الله بالحمل والولادة لأنجب طفلي الأول في خضم ضغوطات الدراسة. فكوني أم حديثة الولادة، أم بالغربة؛ صعّب علاقتي مع إدارة الوقت وتنظيم المهام، ولكنه أيضا فتح لي باباً للنضج ولتطوير علاقتي مع التخطيط. فالواقع الذي فرض نفسه آنذاك؛ كان أنجح معلم لأم مغتربة وطالبة علم مثلي في آنٍ واحد.


كيف أثرت أمومتك على رحلتك الدراسية، وكيف نسقتِ بينهما

لم أكن مدركة للتحديات التي تترافق مع الأمومة! أذكر صدمة من حولي من أساتذة ومشرفين وزملاء عندما أخبرتهم أني أنتظر مولوداً. فبدأ أساتذتي يحثونني وينصحونني إنهاء رسالتي قبل إنتهاء ما تبقى لي من أشهر الحمل. لم أفهم سبب تخوفهم هذا؛ فهناك وقتٌ طويل باليوم يتيح لي أن أنهي كل مهامي! ثم بدأت أعي معنى أن أكون أم وباحثة، و بدأت أدرك ضيق الوقت مع وجود أطفال. وعلمتُ أنني أحتاج بعض الوقت لأتعود على كينونتي الجديدة كأم أولاً، وكأم مغتربة ثانياً.

بدأتُ بالبحث عن بعض النظريات التي من الممكن أن تسهل مهمتي وتوفر لي المزيد من الوقت في ظل تواجد أطفالي بالمنزل. فلسببٍ ما لم أرغب بإرسالهم إلى دار الحضانة؛ بل فضلتُ أن أقلل معاييري الخاصة وأن أستعين بمساعدة منزلية في بعض الأحيان في سبيل تواجد أطفالي بالمنزل معي. كما قمتُ بترتيب أولوياتي من أطفالٍ وعائلةٍ ودراسةٍ وأبحاث؛ ليتوضح خط سيري أكثر وأنجح في مهمتي.

هل كان هناك تعاون من طرف المشرفين مع كونك أم، هل تساهلوا مع كينونتك الجديدة؟

صدف أن يكون جميع افراد لجنة البحث الخاصة بي رجال! ونعم كنت أرى تعاوناً ملموساً من طرفهم. فلا ضير إن أجلت موعد مناقشتنا الشهرية أو تأخرت في تسليم أحد الأبحاث. كانوا داعمين ومتعاونين ولطيفين بالتعامل.

ثم في سنتي الأخيرة؛ إنضمت سيدة إلى أعضاء اللجنة. وصدف أن هذه السيدة أم أيضاً، في ظروفٍ تشبه ظروفي. وجود هذه السيدة وتعاونها وتفهمها الفعلي لظروفي؛ ترك الأثر الإيجابي في اجتهادي وجدّي. وكان دعمها الحافز الذي نقل إنجازاتي نقلة نوعية وساعدني على انهائها في وقتٍ قياسي.

كان دعمها لا يختلف أبداً عن دعم أعضاء اللجنة الرجال ظاهرياً. ولكنني شعرت بشعور مختلف باطنياً! وشعرت بتعاطفها الصادق وبتفهمها الحقيقي؛ فهي تمر بظروفٍ مشابهة وهي أكثر من يشعر بالضغوطات التي تواجهني. في النهاية هي امرأة مثلي، نتشارك بنفس الكيان ونتشابه في الكثير من الصفات والمشاعر.

كيف واجهتي التعليقات المجتمعية بما يتعلق بقرارك، هل سمعتي أي تعليق سلبي؟

لم يكن هناك الكثير من التعليقات المباشرة، ولكن لا يخلو الأمر من بعض الإنتقادات السلبية من عدة أطراف، تسلحتُ بالعلم وبجمع المعلومات من مصادرها حتى أكون قادرة على مواجهة المنتقدين بالمعلومة، وحتى أتجنب الغرق في أعماق عقدة الذنب عند الأم.


نصيحة للأمهات المترددات من أخذ خطوة الدراسة

سأكون صادقة بوصف هذه الخطوة! نعم خطوة صعبة ومرحلة مليئة بالتحديات والتضحيات، لكن نصيحتي لكِ، أولاً إبحثي عن الدعم من إنسانة تتشابه مع كينونتك وظروفك، إنسانة تتفهم كل ما تمرين به وعلى استعداد لسماعك ومساندتك، تحفزك وتدفعك للأمام وتشجعك على الوصول إلى النهاية. لا تترددي أبداً بالبحث عن هذا الشخص، ابدأي بالبحث بنفس مكان دراستك أو سكنك، إذا لم تجديه، وسعي بحثك أكثر حتى لو أضطررتِ أن تبحثي على مواقع التواصل الإجتماعي، فتلقي الدعم مِمن مرَّ بوضع يشابه وضعك من أهم الأسباب التي ستوصلك للنجاح.

أيضاً تجنبي العزلة!

فلا كثرة المهام ولا ضيق الوقت ولا تزايد الواجبات أصعب أو أخطر من العزلة، أخص بالقول طلاب الأبحاث العلمية، فزخم وكثرة القراءات الواجب القيام بها، والجهد الفكري المبذول للبحث والربط والتحليل، يجعل التقوقع خياراً مطروحاً لهم، ويبعدهم عن العلاقات الإجتماعية، فتجنبي ذلك قدر الإمكان، حاولي أن يكون لكِ حضورٌ قوي بالقسم الذي ستدرسين به، وقاومي رغبة الانعزال والتقوقع.

نصيحة أخيرة

قبل أن تبدأي تنفيذ رغبتكِ بالدراسة، حددي هدفك ورغبتك من هذه الخطوة، فلا ضير أن تكملي دراستك لأسباب تتعلق بمكانتك الإجتماعية أو لأسباب تتعلق بتطورك بعملك، أو لسبب تحسين وضعك المادي….الخ، المهم أن تحددي هدفاً وسبباً يحفزك على البدء والاستمرار ثم الوصول لتحقيق حلمك.

حدثينا عن دور زوجك وأطفالك بإنجازك وبدعم قصة النجاح هذه

لهم الدور الأكبر، فمن المستحيل أن أحقق هذا الإنجاز دون دعمهم وصبرهم وتفهمهم وتواجدهم لأجلي، أطفالي كانوا الدافع الأكبر لرغبتي بتحقيق هذه النجاحات، علموني مهارات متعددة لم أكن قادرة على تعلمها لولا وجودهم، من فن إدارة الوقت وتنظيم المهام، إلى تقبلي لنفسي أكثر وتسامحي معها، وجود أطفالي علمني الكثير من الأشياء، وجعلني شخص أفضل وأقوى وأنضج.

كيف توازني مشاعرك وصحتك النفسية وبين العمل والشعور بالذنب

تعاملت مع هذه المشاعر السلبية بالمعرفة والبحث، وجدت أن الشعور بالذنب لدى الأم ينقسم لشعور حقيقي وشعور سام غير حقيقي وانما استجابة لضغط ثقافة المجتمع، وتعلمت أن أفصل بين هذين النوعين، أقرأ كثيراً عن تجارب الأمهات المختلفة وأبحث لأميز الحقائق من الخرافات، وبالنهاية سعيدة جداً بما حققته من إنجازات ونجاحات.

من ملهمتك بالحياة

أكثر من أثر بي وساعدني هي الأكاديمية تارا برابزون، صاحبة قناة خاصة بها على اليوتيوب، شعرت أنها تتحدث إلي من خلال محاضراتها وأنصح بها كل من يحتاج للمساعدة ضمن مجال الأبحاث.

سأترك للسيدات رابط قناتها علّها تعود بالنفع عليهن


اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0