نرغب جميعنا أن نرى أطفالنا أطفالاً ناجحين وواثقين ومتميزين وسعداء، نربيهم بأفضل ما لدينا، ونغذي عقولهم الصغيرة بكل حب وحذر. نزرع فيهم البذرة الصالحة ونسقيها كل يوم حباً وحناناً وعلماً وتعليماً، حتى أن نضعهم على بداية الطريق الصحيح، الذي سيوصلهم إلى تحقيق أحلامهم وطموحاتهم يوماً ما. في عصرنا الحالي؛ تغيرت متطلبات وأساليب التربية، بل أصبح من المهم أن نعلم الطفل ما يتعلق بريادة الأعمال بعمر مبكر، وأن نحاول تربيته ليصبح رائد أعمال مستقبلي. كما أنه من المهم أن ننقل مهاراتنا إليهم علّها تساعدهم يوماً في شق طريقهم نحو ريادة الأعمال.
ماذا تعني ريادة الأعمال حقاً؟
وفقاً لـ Forbes
ريادة الأعمال تعني الثقة والإيجابية والإبداع والحيوية والمرونة. رجل الأعمال هو الشخص الذي يواجه مشكلة ويعمل على إيجاد الحل. يتخذ رجل الأعمال قراراته بنفسه ولا ينسى أبداً أن لديه دائماً خيارات أخرى متعددة.
إن تربية الطفل على هذه الأسس، وغرس بذورها في داخله؛ ستجعل منه طفل ريادي يتجه نحو مستقبل مليء بالإمكانيات والسعادة والوفرة والنجاح، مهما كانت مقاييس النجاح الخاصة به في ذلك الوقت!
كيف يمكننا تعليم الطفل وتربيته على ريادة الأعمال؟
بعد قراءة العديد من قصص طفولة رواد الأعمال، إليك إطار العمل المكون من أربعة أجزاء لتربية الأطفال على ريادة الأعمال:
- تنمية العقلية.
- تطوير المهارات المتعلقة بريادة الأعمال لدى الطفل.
- تعريف الطفل على فرص ريادة الأعمال وتمييزها.
- تعريف الطفل على السير الذاتية المتعلقة بمجموعة من رواد الأعمال.
كيف أعلّم طفلي عن ريادة الأعمال؟
1. التنمية العقلية
حتى نتمكن من غرس بذور عقلية رائد الأعمال في الطفل؛ يتوجب علينا تنمية وتطوير قدراته الداخلية والخارجية! تنمية قدراته الداخلية تكون خلال: تجارب الحياة التي تواجه الطفل وكيفية تطوره من خلالها وتجاوزها باستخدام قدراته الخاصة، وتطوير رؤيته الخاصة المتعلقة بالنجاح والفشل، وتنمية مهارة التعامل بثقة مع المواقف الجديدة. أما تنمية قدراته الخارجية تكون من خلال: الإيمان بالطفل والاعتقاد بأنه يستطيع إحداث تغيير إيجابي أو إنشاء شيء ذي قيمة. أيضاً تطوير كيفية رؤيته للعمل ومكانته في مستقبله.
تختلف نظرة الأشخاص الرياديين إلى الظروف والتحديات والمصاعب! فهم ينظرون إلى التغيير ويرون الفرصة. وينظرون إلى المصاعب ويرون القيمة. كما أنهم ينظرون إلى المشاكل ويرون الحلول! يستغلون التحديات حتى يصبحوا نسخة أفضل من أنفسهم، وأثناء المنافسة يتجاوزون كل التوقعات!
يمكننا كآباء نمذجة عقلية رائد الأعمال لدى الطفل من خلال التجارب اليومية والسلوك العام داخل الأسرة والمدرسة.
كيف ذلك؟
من الناحية العملية؛ فإن مساعدة شخص ما على تطوير عقلية ريادة الأعمال تعني مساعدته على الإيمان بنفسه وبقدراته وبأحلامه. هذا يعني إرشاده لرؤية الأفضل في تصرفات الآخرين المختلفة، ورؤية الجانب الإيجابي في المشكلات، ومساعدتهم على الإيمان بقوتهم وقدراتهم وكفايتهم! ثم الإشارة إلى القيمة الهائلة التي يمكن أن يجلبوها إلى العالم. أيضاً حثهم على الالتزام والاستمرار بالممارسة للوصول إلى الهدف مهما كان بسيطاً. تطوير عقلية رائد الأعمال يعني رؤية الأخطاء والإخفاقات كفرص للبدء من جديد، أو القيام بتصحيح هذه الأخطاء، أو التعلم من هذه الإخفاقات.
2. تطوير المهارات المتعلقة بريادة الأعمال
وتطوير المهارات في هذا السياق يعني تطوير المهارات المهنية الأساسية التي يحتاجها جميع رواد الأعمال. مثل: مهارة التفاوض والكلام واتخاذ القرارات والتفكير الإبداعي. واجبنا كوالدين؛ إيجاد طرق بسيطة لدمج المواقف اليومية التي تغذي هذه المهارات لدى الطفل!
أيضاً، نعجب جميعاً عند رؤية شخص ماهر في عمله أو محترف في هوايته. ثم نعتقد أن مهارتهم فطرية! حسناً؛ لنضع في اعتبارنا منذ هذه اللحظة، مقدار الممارسة التي أدت إلى هذا المستوى من الكفاءة اللاواعية، ولنتذكر أن أجريبينا فاجانوفا راقصة الباليه الروسية، لم تصبح من أشهر راقصات الباليه في العالم صدفة! بل أن الممارسة المستمرة والمتواصلة والتدريب والإصرار، عناصر مهمة جعلت من مهارتها وكفاءتها اللاواعية مثالاً يحتذى به.
يمكننا تطوير مهارات ريادة الأعمال لدى الطفل؛ من خلال تشجيع النقاش الصحي وتحديد المهام والتحديات المناسبة للعمر، أيضاً من خلال التفكير الإبداعي وتقديم الحلول للمشكلات المختلفة. استخدم أسلوب التعلم باللعب حتى يصبح تعلم هذه المهارات لعبة ممتعة. تناقش مع طفلك حول ما سيتم تناوله على العشاء، أو تفاوض معه على الوقت المخصص للشاشات، شجعه على التخطيط لنشاطات العطلة الأسبوعية.
3. تعريف الطفل على فرص ريادة الأعمال وتمييزها.
يتضمن التعرف على فرص إنشاء الأعمال؛ اللعب وتجريب الأفكار التجارية في بيئة آمنة وخالية من المخاطر. أيضاً يضمن السماح لهم بالتجربة التي تفتح أعينهم على الاحتمالات. الانفتاح على الاحتمالات المختلفة يعني الرؤية بعقلية الإمكانية والكفاية والوفرة. المقصود بالوفرة هو الإيمان بأن الفرص موجودة في كل مكان، يجب فقط العثور عليها؛ مثل البحث عن الكنز تماماً!
قدم فرصة لطفلك ليصبح من رواد الأعمال الأعمال؛ وحثه على الخروج بأفكار إبداعية أو حلول بسيطة منطقية، من خلال أبسط الأشياء من حولكم. مثلاً: كيف يمكن أن نستفيد من هذه الأشياء الموجودة في المرآب والتي لا نحتاجها؟ كيف يمكنك كسب بعض المال بنفسك إن وفرت لك بعض الليمون والماء البارد؟ كيف تساعد هذه الآلة في حل المشكلة؟ والأهم من ذلك؛ اسأله باستمرار: “كيف يمكنك أن تكون جزءً من الحل، وماذا ستفعل حيال ذلك؟”.
4. تعريف الطفل على نماذج من رواد الأعمال وسيرهم الذاتية
وهذا يعني تعريفه بمجموعة من الأشخاص الذين اختاروا أن يكونوا رواد أعمال، ومن مختلف الخلفيات. ويكون ذلك من خلال الحديث مع الطفل عن هؤلاء الأشخاص وعن حياتهم اليومية وأسلوبهم، ثم محاولة محاكاة هذه النماذج -بصورة أصغر- والتعلم منها. ولتعزيز هذه النقطة؛ يجب علينا أن نحرص من أننا نحن أنفسنا نقدم مثالاً جيداً لسلوكيات امتلاك الأعمال الخاصة بنا والتي نتطلع لها، ثم محاولة نقلها لأطفالنا.
تأكيداً على ذلك
نشأ العديد من الأشخاص وهم يحاولون محاكاة وتقليد طريقة شخص ما من رواد الأعمال في التفكير والتصرف، باعتباره مثلهم الأعلى. قد يكون والدهم مثلاً أو أحد المقربين منهم؛ ثم قلدوا ذلك الشخص “رجل الأعمال” وطريقة تفكيره وأسلوب حياته؛ حتى أصبح بدء عملهم الخاص هو الخيار الواضح والبارز عند اختيار حياتهم المهنية! إن النماذج التي يحتذى بها أول المثل الأعلى؛ لها أهمية قصوى. كما أن رؤية شخص يقوم بأشياء مذهلة؛ يفتح أعيننا وعقولنا على ما يمكننا فعله بأنفسنا، وكذلك أطفالنا! تساعدهم هذه النماذج على رؤية السلوكيات والمواقف التي تخلق الثقة والملكية والنجاح وتحقيق الأحلام.
أطلق العنان لإمكانيات أطفالك، وامنحهم أساساً متيناً يمكنهم من خلاله تحقيق أحلامهم وأي شيء يدور في عقولهم!