هل تقتصر مسؤوليات الأم على دورها في المنزل فقط؟ وكيف يُمكن تنظيم وقت الأم للموازنة بين عملها والمنزل؟
محتويات المقال:
- مقدمة
- أمثلة من الواقع على تعدد مسؤوليات الأم -أو الأب- وأدوارهما
- ما هي التحديات التي تحول دون تحقيق التوازن بين العمل والمنزل؟
- استراتيجيات وطرق لتنظيم مسؤوليات الأم
في لحظة قبض يد باب المنزل وقبل فتحه وسماع صريره؛ ينتهي وقت ممارسة أدوار وظيفية مع مجموعة من الكبار والبالغين ويبدأ وقت ممارسة أدوار أمومية وأبوية مع أطفال ودارجين. قد يكون هذا أبسط تعريف لتعدد الأدوار والمسؤوليات بين العمل والأمومة -والأبوة- الذي يطرأ على الأهالي العاملين يومياً.
حيث برز هذا المصطلح ليصف ويواجه أحد أهم التحديات التي يعيشها الكثير من الأهل العاملين سواء الأمهات أو الآباء. والتي بدورها تحدد مدى التوازن بين العمل والحياة. وفي مقالنا هذا سنخوض أكثر في جوانب وزوايا مختلفة خلال التحول الوظيفي الذي يعيشه الأهالي يومياً. وما يتوجب عليهم إدراكه وفعله للحفاظ على توازنهم الوظيفي والأسري وتحقيق السعادة والرضا.
“عندما تنظر إلى حياتك، فإن أعظم سعادة هي السعادة العائلية.”
أمثلة من الواقع على تعدد مسؤوليات الأم -أو الأب- وأدوارهما:
في الواقع يضطر الأهل العاملون لعيش تجربة تعدد الأدوار بين العمل والأمومة أو الأبوة بشكل متكرر لأسباب عديدة. ومن الجيد إدراك ومعرفة هذه المواقف وأوقات تكرارها التي قد تكون أكثر من مرة في اليوم الواحد لتجنب الإجهاد والتوتر وعدم الاتزان.
من هذه المواقف على سبيل المثال:
- مواجهة حالات الطوارئ في الأسرة، مثل مرض الأطفال فجأة فهنا لابد للأهل من لعب دور المربي ومقدم الرعاية بشكل عاجل ودون سابق إنذار.
- تأدية الأهل وظائف بساعات عمل غير ثابتة ومحددة مثل وظيفة بدوام جزئي أو وظيفة تتطلب منهم الاستجابة الفورية؛ كالأطباء وكتاب المحتوى والصحفيين.
- العمل عن بعد أو العمل من المنزل من أكثر مسببات تعدد مسؤوليات الأم -أو الأب- وذلك لتواجد الأطفال والعمل في محيط واحد.
ما هي التحديات التي تحول دون تحقيق التوازن بين العمل والمنزل؟
الواقع والتجربة يثبتان أن حدوث خلل بين العمل والأمومة قد يكون مصدر قلق وتوتر للأهل. وربما يؤدي إلى صراعات نحن بغنى عنها.
هناك تحديات ومسؤوليات يمكن مواجهتها وإدارتها والتغلب عليها من خلال بعض المهارات والاستراتيجيات التي تتناغم معاً لتصل للتوازن والاستقرار. وهنا بعض من هذه التحديات والحلول:
إدارة الوقت
سوء إدارة الوقت من أهم المشاكل التي قد يواجهها الأهل العاملون خصوصاً عند لعب أدوارهم الحياتية المختلفة. ويكمن حل هذه المشكلة في تعلم مهارة إدارة الوقت وممارستها باستمرار لاكتسابها كمهارة وعادة وصفة.
وما بين هذين الطرفين- سوء ومهارة إدارة الوقت- لا بد من بناء الأهل حدود واضحة وخطوط حمراء في حياتهم العملية والأسرية والالتزام بها مثل:
- الوقت النوعي والحضور عند تواجد الأهل مع العائلة والأطفال فلا بد من الحضور الجسدي والعقلي معهم. والالتزام بالوقت النوعي مع الأطفال تحديداً وعدم التشتت بأي أمور أخرى.
- تحديد عدد ساعات عمل معينة وثابتة. ومناقشة ذلك مع رئيس العمل والزملاء وشريك الزواج وأفراد العائلة. بحيث يساعد ذلك الجميع على احترام الأولويات في ساعات النهار المختلفة وعدم مقاطعتها بمهام أخرى مما يحفظ الوقت ويديره بأفضل شكل.
- أخذ استراحة خلال اليوم لشحن طاقة وقوة جديدة ويفضل أن تكون الاستراحة قبل الدخول بوقت الدور التالي. كشرب مشروب دافئ أو أخذ قيلولة أو مهاتفة صديق بالهاتف أو مشاهدة مسلسل أو التأمل والسكون لبعض الوقت.
أما على صعيد الممارسات التي تؤدي إلى إتقان إدارة الوقت فإن:
- أولاً إنشاء قوائم مهام يومية وأسبوعية تعطي صورة أوضح عن حجم المهام المطلوب من الأهل إنجازها سواء بالمنزل أو العمل، وتوقُع الوقت اللازم لإنهائها مع الحرص على وضع خطط بديلة في حال لم تسر الأمور على ما يرام.
- ثانياً الاستعانة بالتقنيات التي تساعد على حفظ الوقت وإدارته. مثل استخدام تقنيات الرد الآلي على رسائل الواتس اب أو الإيميل بالعمل.
- كذلك التفويض. مهارة يمكن اكتسابها من خلال إحصاء المهام والمسؤوليات الأسرية ثم تصنيفها وإعادة ترتيبها بحسب قدرة الأشخاص على أدائها من ثم توزيع المهام وتكليف الآخرين القيام بها. فعلى سبيل المثال، يمكن تفويض مهمة ترتيب غرفة الجلوس لأحد الأطفال بينما تبقى مهمة إعداد طعام الغداء مسؤولية أحد الوالدين. وبذلك يتوفر وقت أكبر لجميع الأفراد.
- بالإضافة إلى اختيار مدارس ومراكز حضانة قريبة من العمل أو المنزل وذلك لحفظ الوقت والجهد والمال كذلك.
“رحلة الأبوة والأمومة تحمل القدرة على أن تكون تجربة متجددة وفريدة يومياً، لكل من الوالدين والطفل.”
الكمالية
يعاني كثير من الأهل من وسواس الكمالية حيث يسعون بشكل دؤوب ومستمر لأداء جميع المهام بشكل كامل. والحقيقة أن ذلك مرهقٌ للغاية. لكن وبحسب كتاب (workparent switch) لكاتبته الشهيرة أنيتا كلير أنه يمكن الوصول لدرجة عالية من الرضا إذا ما خُلق روتين عملي ومناسب للأهل والأسرة وتم الالتزام به بشكل شبه يومي. مثل التحضير المسبق لوجبات الطعام وكي الألبسة ليلاً. حيث تلجأ بعض الأمهات إلى خطة متقدم جداً بحيث ينام صغارهن بملابس المدرسة بدلاً من ملابس النوم! ويقدمن لهم وجبة حبوب الإفطار في كأس الإفطار السفري لتناولها في السيارة في حال كان لديهن اجتماع صباحي هام جداً. كذلك الاستعانة بالأدوات التي قد تساعد على توفير الوقت وأداء المهام بشكل أسرع وأفضل مثل قدور الطبخ الكهربائية. أيضاً وضع جدول تنظيف المنزل والاستعانة بأجهزة تساعد على إنجاز بعض المهام بشكل آلي مثل استخدام المكنسة الذكية.
المرونة
يقال ما دخل اللين في شيء إلا زانه، المرونة واللين من أهم مهارات التعايش مع التحول الوظيفي بين العمل والأمومة والأبوة. حيث إن المرونة تعني تقبل النقص وعدم تمام الأمور على أكمل وجه، والتغافل عن الأخطاء، وتوقع الأحداث وردود الأفعال مسبقاً. على سبيل المثال على الأهل توقع نوبات الغضب صباحاً ورفض الذهاب للمدرسة أو الحضانة. وفي هذا الحال يمكن لهم الاستئذان بالتأخر لبعض الوقت أو طلب مساعدة من أحد ما أو تجاهل روتين ترتيب غرفة النوم الصباحي لحين هدوء الطفل وعودة الأمور لمسارها الصحيح.
الضغط المالي
قد يؤدي إلى التوتر النفسي مما يعيق أداء الأدوار بكفاءة. وذلك بالتأكيد يستدعي إيجاد بعض الحلول لمواجهة هذا التحدي مثل تقليص بعض المصاريف غير الضرورية، إعادة النظر بميزانية الأسرة وأهدافها المالية أو إيجاد مصدر دخل آخر.
الشعور بالذنب
كثيراً ما يشعر الأهل العاملون بالتقصير وعدم تقديم ما يكفي لأطفالهم ليتولد عن ذلك الشعور بالذنب. ويمكن مواجهة هذا التحدي بطريقتين هامتين.
- الأولى الالتزام بالوقت النوعي وتقديسه وعدم السماح لأي أمر آخر بقطعه أو تخلله.
- والثانية إحاطة النفس بمجتمع مشابه من الأمهات والآباء تتشارك نفس التحديات. فلذلك الأثر الكبير في تجاوز الشعور بالذنب وتقبل كل ما يدور في الأرجاء.
التعب والاستنزاف
غالباً ما يؤدي التعب الجسدي إلى تعب نفسي وشعور بالاستنزاف والاحتراق. وقد يواجه الأهل هذا التحدي عند معظم التحولات بين مسؤوليات العمل والمسؤوليات الأسرية ويمكن ترويض هذا والتغلب عليه باتباع عدة طرق واستراتيجيات ومنها:
استراتيجيات وطرق لتنظيم مسؤوليات الأم:
إعطاء النفس الأولوية
. حيث إن أخذ قسط من الراحة بشكل دوري والتركيز على تناول الطعام الصحي ودمج النفس بأي نشاط شخصي أو اجتماعي يساعد على الاسترخاء وإعادة شحن الطاقة. والنتيجة هي التخلص من التعب وأداء المسؤوليات بشكل أفضل.
طلب المساعدة والدعم:
التردد بطلب المساعدة قد يزيد الأمر سوءاً. بينما على نقيض ذلك، فإن طلب المساعدة والدعم سواء كان من الأهل أو الأصدقاء، أو من جليسات الأطفال. أو الانضمام لمجموعات الأهل المحلية والالكترونية التي توفر بدورها الدعم العاطفي للأهل من خلال تبادل النصائح والخبرات. أو من أصحاب العمل مثل طلب توفير مركز رعاية للأطفال في موقع العمل. كذلك طلب الدعم النفسي من الأخصائيين كفيل في مواجهة تحدي التعب والاستنزاف وأداء الأدوار بشكل جيد.
يمكنكم الحصول على المساعدة النفسية أو تقديمها لمن تحبون من خلال موقع كلنا أمهات
أخيرا نتمنى لكم حياة مليئة بالاتزان والسعادة والاستقرار ما قبل قبض المقبض وما بعد سماع صريره.