الأم العاملة: التخلص من المشاعر السلبية

للأم العاملة

الأم العاملة: التخلص من المشاعر السلبية

pexels-photo-6186149

تحدثنا في مقالنا اليوم مع المدربة الوالدية تانيا حمدان؛ عن المشاعر التي يمر بها الوالدين العاملين. إن كنت تعملين أنت وزوجك يداً بيد، بهدف تأمين مستقبل أفضل لأطفالك؛ فبالتأكيد أنت تعلمين كيف تشعر الأم العاملة، وبالتأكيد قد مررتِ بمشاعر الحزن والغضب في أحيان كثيرة. وأيضاً فقد ذقتِ الإحساس بالذنب! فما هي طريقة التخلص من المشاعر السلبية؟

سنتحدث معاً بشكل موسع مع الأخصائية تانيا حمدان؛ فيما يخص مشاعر الأم والأب العاملين. وسنقدم لكم أيضاً بعض النصائح التي تساعدكم للتركيز على التواصل مع الأطفال، بدلاً من التركيز على الأهداف وانجاز المهام. وبالنهاية؛ سنبين لكم كيف يكون الشعور بالذنب هو المحرك الرئيسي للأم والأب العاملين، الذي يقودهم إلى الإفراط بالدلال ومن دون وعي، وكيفية التخلص منه.

ذكر لنا كتاب The Work/Parent Switch؛ أن أصعب وقت خلال يوم الأم العاملة، هو وقت انتهاء وظيفتها المعتادة وبدء عملها الأساسي الآخر كأم وربة منزل. فهي مضطرة وخلال وقت قصير جداً، أن تنفض عنها أي مشاعر سلبية، وأن تدير مشاعرها وتبدلها بالكثير من المرح والحب واللهفة والشوق والبهجة. فكيف تستطيع تحقيق هذه المعادلة وموازنة مشاعرها؟

حسناً؛ توجهنا لأهل الاختصاص واستفدنا من خبرة الأخصائية والمدربة الوالدية تانيا حمدان للإجابة عن هذا السؤال. وجاءت إجابتها كالتالي:

“هذا الموضوع بالذات متشعب ويعتمد على العديد من العناصر المختلفة. العنصر الأهم هنا هو  ظروف العائلة الشخصية المحددة؛ كعمر الأطفال وطبيعة عمل الوالدين، ومكان عمل الوالدين، وشخصيات الأطفال أنفسهم.

ولكن اليوم سنقدم بعض النصائح والتذكيرات، التي قد تساعد الوالدين للاهتمام بأطفالهم، في ظل ضغوطات الحياة ومتطلباتها خصوصاً أثناء هذه الفترة.

في البداية

إن كان الوالدين أو أحدهما يعمل من المنزل؛ فهناك بعض الأمور التي يجب أن تؤخذ بالحسبان. يجب أن نتحدث مع أطفالنا عن تحديات العمل عن بعد التي تواجهنا كوالدين. بحيث نجلس مع أطفالنا؛ ونتحدث إليهم عن حدود معينة تخص وقت ومكان العمل الخاص بنا. وأنهم لا يستطيعون الدخول إلى غرفة العمل وقت ما يشاؤون، أو أنه من غير المقبول التحدث بصوت عال في غرفة العمل الخاصة بنا.

ثم وبعد انتهاء وقت العمل الخاص بنا؛ من الرائع أن نأخذ وقت مستقطع يتراوح ما بين 5 إلى 10 دقائق، حتى نفصل تفكيرنا وعقولنا وأنفسنا عن جو العمل، ونستعد للانخراط في الجو العائلي المنزلي.

أيضاً؛ يجب أن نحرص على ترك معطيات العمل من إنجازات وتحديات في العمل، وألاّ نفكر في العمل أثناء انتهائنا منه أبداً. بل يجب أن نترك العمل في العمل! حتى لا يتأثر الجو العائلي  المنزلي بطاقة العمل.

بالإضافة إلى ذلك؛ يستطيع الوالدين والأم العاملة فصل عقولهم عن العمل والوظيفة، استعداداً للانخراط في جو المنزل بشكل أسهل؛ في حال كانت الأم تعمل في بيئة عمل خاصة بالأعمال؛ كالمكتب أو الشركة. حيث أنه وبمجرد مغادرة المكتب وبيئة العمل الفعلية؛ ستتغير طاقتها وتركيزها وبشكل تلقائي. وأيضاً؛ تساعد المسافة ما بين العمل والمنزل بفصلنا عن التفكير بالأعمال”.


كيف نترك العمل في داخل العمل؟ 

“هذا ليس بالأمر السهل كما نظن. بل هو بحاجة لدرجة عالية من الوعي والإدراك والإصرار لتحقيقه!

الإدراك هو الخطوة الأولى للتخلص من هذه العادة. فعندما ندرك أننا نحضر العمل معنا إلى المنزل؛ سنبدأ بالبحث عن طرق وحلول حتى نكون قادرين على فصل أذهاننا عن العمل، وصب كامل تركيزنا على المنزل والأطفال والعائلة. لا ضير من التمشية لدقائق إضافية قبل الدخول إلى المنزل، حيث أن هذه الدقائق البسيطة؛ تساعدنا على فصل أذهاننا عن العمل، وبالتالي تساعدنا حتى نكون حاضرين في اللحظة”.

يعمل معظم الآباء والأمهات؛ بمتوسط ثمان ساعات متواصلة في بيئة العمل مع بالغين. وقد يؤدي هذا إلى برمجة عقولهم للتعامل مع المهام المختلفة بطريقة معينة ومحددة بالوقت.

قد يؤدي هذا؛ إلى تعود الأشخاص على القواعد المختلفة المتعلقة بالإنجاز. بل ويقودهم لجعل هذه القواعد نظام حياة يمارسونه في المنزل مع أطفالهم. ونرى ذلك في تعاملنا مع أطفالنا فيما يخص إنجاز المهام وتخصيص وقت معين لكل مهمة! فهناك وقت معين للوقت النوعي ووقت آخر لقصة ما قبل النوم، ووقت محدد للنوم.

قد نرى مقاومة من أطفالنا فيما يخص هذه القواعد وإنجاز المهام بوقت محدد. وقد نحاول التخلص من المشاعر السلبية التي تسببها هذه المقاومة. وأيضاً؛ قد نستغرب هذه المقاومة متناسين أن الأطفال بحاجة لسيل من المشاعر والتواصل الدافئ مع الوالدين.

فكيف نتجنب كل ذلك؟ 

أجابتنا الأخصائية والمدربة الوالدية تانيا حمدان على ذلك قائلة: “لو نظرنا للصورة الأكبر، سنجد أن معظم الأشخاص يتعاملون بطريقة واحدة؛ وهي التركيز على المهام المنجزة دون التركيز على طريقة إنجازها أو الهدف من إنجازها أو حتى ماذا تعلمنا خلال إنجازها! طريقة التفكير هذه سائدة في المجتمع، وقد تظلم أطفالنا في العديد من الأماكن دون أن نعلم!

حيث أثبتت دراسات حديثة

أنه عند تركيز الموظفين على طريقة إنجاز مهمة ما؛ يساعدهم هذا بإنجاز المهمة التالية والمهام الأخرى بصورة أفضل. وقد أدى هذا أيضاً؛ إلى شعور الموظفين بالانتماء لأعمالهم أثناء قيامهم بوظائفهم، وإلى التخلص من المشاعر السلبية. وهنا تكمن الإجابة! فالأطفال أيضاً بحاجة للتركيز على طريقة إنجاز المهام، وبحاجة للتواصل مع الوالدين أثناء أداء المهام المختلفة.

العلاقة بين الوالدين وأطفالهم؛ أهم من المهام المنجزة! فهذه العلاقة باقية ودائمة. بل وتؤثر على صحة الأطفال النفسية وعلى حياتهم في المدى القريب والبعيد. وأيضاً؛ العلاقة الجميلة بين الوالدين والأطفال؛ تساعد الأطفال على إنجاز المهام من باب الحب والرغبة، لا من باب الواجب والإكراه.


لنتحدث الآن عن الشعور بالذنب

التخلص من المشاعر السلبية لدى الأم العاملة؛ قد يؤدي بها في بعض الأحيان إلى قيامها بالضغط أكثر على نفسها، لتعوض أطفالها عن غيابها. وقد تضطر أيضاً لكسر العديد من القواعد المنزلية حتى تتخلص من الشعور بالذنب الذي يعتريها كل يوم! أو أنها قد تفرط في تدليل أطفالها وشراء العديد من الألعاب والمقتنيات لهم بسبب شعورها بالذنب.

فكيف تتخلص من ذلك؟

قدمت لنا الأخصائية تانيا حمدان نصيحة قيمة حيث قالت: “يجب بالبداية أن نعالج المشكلة الأساسية. والمشكلة الأساسية هنا ليست كسر القواعد والإفراط بتدليل أطفالها؛ بل هي الشعور بالذنب بحد ذاته!

نعلم جميعاً أن مشاعرنا هي رسائل لنا، تخبرنا عن أشياء معينة في دواخلنا بحاجة لبعض التفهم والطبطبة. كما نعلم أن هذه المشاعر حين تتحرك في دواخلنا؛ تكون قد لامست إحدى القيم المهمة لدينا. الشعور بالذنب يلامس قيمة مهمة؛ وهي قيمة العائلة وأهميتها ومكانتها. بعد معرفة أساس الشعور وفهمه؛ نبدأ بالتفكير بالحلول، ونبدأ بالبحث عن طرق تساعدنا بأن نعوض أطفالنا عن غيابنا عنهم. ويكون ذلك بأن نسأل أنفسنا كيف نؤمن لأطفالنا مستقبل أفضل مقابل غيابنا عنهم؟ أو كيف نقضي معهم وقتاً نوعياً عند العودة إلى المنزل؟

الآن وبعد أن عالجنا الشعور بالذنب وبعد التخلص من المشاعر السلبية هذه؛ نبدأ بمعالجة مشكلة كسر القواعد. فالشعور بالذنب لا يعني أن نقوم بتغيير خطوطنا التربوية وإلغاء الروتين الذي تعودنا عليه! من جهة أخرى؛ يجب أن نحرص عند وضع القواعد، أن تكون قواعد مرنة واقعية ومنطقية وقابلة للتحقيق، حتى لا نضطر إلى كسرها!”.

سأختم حديثي اليوم بنصيحة هامة

المشاعر واللحظات المعنوية الجميلة التي نقدمها لأطفالنا؛ أهم من أي مقتنيات مادية. الأشياء المعنوية هي ما ستبني أجمل الذكريات في أذهان أطفالنا!


احجز اونلاين

استشارة أونلاين في الوالدية لبناء جسور التفاهم بين الأطفال وذويهم

تانيا حمدان؛ هي مدربة والدية معتمدة، تدعم أولياء أمور اطفال الاحتياجات الخاصة، الذين يعانون من صعوبات و اضطرابات مختلفة أو أمراض مزمنة. ركزت حياتها المهنية لمساعدة الأهالي الذين يعانون من الإحباط والإرهاق؛ لمساعدتهم على دفع ذلك العبء، والبدء في خلق بيئة مريحة في المنزل؛ من خلال الابتعاد عن السلبيات. لقد كان لها دور كبير في مساعدة العديد من الأمهات على الاستمتاع برحلة الأمومة مرة أخرى؛ من خلال إيجاد قيمتهم الذاتية والهدوء والثقة. فهنّ يستحقنّ ذلك وأكثر.

احجز الآن من هنا وبقيمة مخفضة وخاصة لرواد موقع كلنا أمهات – 310 درهم


اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0