الطلاق العاطفي ظاهرة تُهدد بيوتنا وتُنذر مجتمعاتنا. أسبابه ومراحله وحلول مقترحة

العلاقات الأسرية

الطلاق العاطفي ظاهرة تُهدد بيوتنا وتُنذر مجتمعاتنا. أسبابه ومراحله وحلول مقترحة

pexels-kampus-production-7556600

يقول تعالى: ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ“. السكينة أساس لزواج صحيّ مستقر يدوم ويَمُد المجتمع بأبناءَ مستقرين نفسياً وعاطفياً، ومهيئين لأن يكونوا نواة صالحة لأسرة جديدة، ومن ثم امتداداً للأجيال التي من بعدهم. لكن ماذا وإن غابت السكينة بين الزوجين وبات الأهل كل منهم في الطرف المقابل لشريكهِ بلا خطوةٍ للالتقاء في المنتصف وصولاً إلى الطلاق العاطفي. فما الحل؟

يختار الكثير من الأزواج الطلاق الرسمي المعلن كحل لعدم استمرارية التفاهم بينهم. لكن الكثير من البيوت تعاني بصمت مما يسمى “الطلاق العاطفي”؛ الذي يعرفهُ المختصون بأنهُ حالة من الانفصال الجسديّ والروحيّ بين الزوجين، يحصل نتيجة لعدم الرضا بين الشريكين. الذي يؤدي لاضطرابٍ عاطفيٍ لدى أحدِهما أو كلاهما، يعيش فيها الأم والأب تحت سقفٍ واحدٍ مع أبنائهم، تربطهم علاقةٌ شكليةٌ تخلو من العاطفة والود، ويحافظون عليها لأسباب مختلفة، منها الاجتماعية والمادية. بالإضافة إلى أسباب مرتبطة بالأبناء وبقائهم مع والديهم في ذات المكان. على الرغم من الآثار النفسية السيئة المترتبة على الزوجين والأبناء في حال عدم إيجاد حلولٍ للمشكلة، وانعكاسها لاحقاً على المجتمع.


المراحل التي تسبق الطلاق العاطفي

لا يصلُ الزوجين لهذه المرحلة من اختلال التوازن في علاقتهما بشكل مفاجئ. إنما تمرُّ العلاقة الزوجية بالكثير من المراحل التي تتراكم خلالها الخلافات التي تصل بهم لهذه النهاية. وهذه المراحل هي:

  • زعزعة الثقة وفقدانها بين الزوجين.
  • فتور الحب وفقدانه.
  • الأنانية. حيث يولي كل طرفٍ مصلحته الأولوية دون مراعاة مشاعر الطرف الآخر.
  • الصمت الزوجي. حيث ينعدم الحديث الوديّ بينهم.
  • الطلاق العاطفي. الذي يتسمُ بالبرود والمعاملة الرسمية للضرورة.

أسباب الطلاق العاطفي

ذكرت الكثير من الدراسات أن الوصول إلى هذه المرحلة له عِدَّة أسباب، منها الاقتصادية والنفسية والعاطفية. حيث يصلُ الزوجان إلى مرحلة لا يستطيعان فيها التكيف مع معيقات الحياة التي لا يوجد منها مفرّ. فتتراكم الخلافات وما يرافقها من مشاعر سلبية، لتنفجر في المحصلة، حدَّ انقطاع العلاقة العاطفية الفعلية بينهما.

في دراسة شملت عشرين سيدة من الأردن؛ تقول أن أسبابَ الانفصالِ العاطفي تتلخص حسب عينة الدراسة فيما يلي:

  • الخيانة الزوجية.
  • العنف اللفظي والجسدي.
  • عدم التكافؤ الاقتصاديّ والتعليميّ والاجتماعيّ بين الزوجين.
  • تدخل الأهل.
  • الزواج المبكر.
  • الصفات الشخصية للزوج.

وفي دراسة أخرى عن ظاهرة الطلاق العاطفي في المجتمعِ الخليجي للدكتور خليفة المحرزي -وهو استشاري العلاقات الأسرية- يذكر الباحث عدة أسبابٍ للمشكلة منها:

  • غياب الوعي الكافي لإدارة العلاقة الزوجية من كلا الطرفين.
  • الخيانة الزوجية التي من الممكن أن تؤدي لهجرٍ بين الأزواج.
  • انتشار ثقافة الأمية الأسرية لدى الكثير من أفراد المجتمع على الرغم من ارتفاع مستوى تعليمهم.
  • انتشار أفكار ومفاهيم زوجية غير دقيقة وواضحة لدى الأزواج الشبان، تؤدي لإصابة العلاقة الزوجية بشروخ يصعب تلافيها منذ الأيام الأولى للزواج.

الطلاق العاطفي ودراسة عن علاقته بحالة “فقد المشاعر”

في ذات سياق البحث عن ظاهرة الطلاق العاطفي، أجريت دراسة أخرى حول علاقة الطلاق العاطفي تسمى “Alexithymia – فقد العواطف أو المشاعر” لدى النساء المتزوجات في المملكة العربية السعودية. وهي حالة تُعْرَف بأنها ضعف إدراكي عاطفي يؤثر على تفسير التجارب العاطفية الخاصة بالشخص، وتشير إلى “صعوبة التعبير الشفهي عن المشاعر”. حيثُ أظهرت الدراسة أن 78.36% من المشاركات تعرَّضنَ لمستويات متوسطة إلى شديدة من الطلاق العاطفي، وبأن حالة “فقدِ المشاعرِ” ارتبطت بشكل كبير بالطلاق العاطفي في هذه العينة. وأوصت الدراسة بالتالي :

  • ضرورة دراسة الآثار السلبية لهذا النوعِ من الطلاقِ على الأسرة والمجتمع.
  • توعية الشباب في سن الزواج بطبيعة الحياة الزوجية. وطرق التعامل الصحيحة مع الخلافات التي تحدث.
  • تشجيع الزوجين على التعبير عن مشاعرهما الإيجابية والسلبية لبناء العلاقة الزوجية وتحقيق التوافق بينهما.

المصدر


حلول لتفادي مشكلة الطلاق العاطفي

حلول لمرحلة ما قبل الزواج

من التوصيات المهمة للعديد من الدراسات أن يتمَّ إدراج برامج تربوية خلال المراحل التعليمية المختلفة، تتحدث عن الأسرة وأهميتها بجميع أفرادها؛ من والدين وأبناء، وعن مشكلة الطلاق بأنواعه وطرق التعامل المثلى معه. ليحظى الأهل والأبناء على حد سواء بالعيش في بيئة مستقرة تساعد في بناء شخصيات متوازنة نفسياً وعاطفياً، وتساهم في الحفاظ على المجتمع وتطويره.

حلول لمرحلة ما قبل وخلال الزواج

من باب استجابة الجهات المختصة للارتفاع في نسب الطلاق في الوطن العربي حسب العديد من الاحصائيات، ولمواكبة التغيرات التي تطرأُ على مجتمعاتنا وثقافتنا بحكم التغيرِ السريع في كافة مجالات الحياة؛ فقد عملت الكثير من البلدان العربية على تخصيص مؤسساتٍ رسمية تختص في مجال المشاكل الأسرية. حيث تعمل على نشر التوعية الأسرية قبل الزواج وخلاله؛ لتجنب الكثير من الآثار السلبية التي يمكن تفاديها، من خلال توعية الأزواج بأهمية الأسرة ودورها الرائد في بناء المجتمع والحفاظ عليه.

 ومن الأمثلة الرائدة في المجتمعِ العربي: برنامج التوعية الأسرية “مودة” الذي أطلقته وزارة التضامن الاجتماعي المصرية. ويهدف إلى تأهيل الشباب المصري المقبل على الزواج من كلا الجنسين، لبدء حياة زوجية ناجحة. وغيرها الكثير من البرامج ودورات التوعية والتثقيف الأسريّ في العديد من البلدان العربية.


هذا المقال بقلم وجدان أبو أحمدة

يتقدم فريق كلنا أمهات بالشكر للسيدة وجدان أبو أحمدة لتقديمها هذا المقال القيم المليء بالفائدة

اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0
0