عرض لنا كتاب ’’وهم الإنجاز: كيف يتحرك العامة وماذا يحفزهم‘‘ لكاتبه أحمد حسن مشرف، عدّة أسئلة محاولاً الإجابة عليها. فلماذا ندمن تصوير أنفسنا على قنوات التواصل الاجتماعي، وكيف يؤثر هذا الأمر على حياتنا؟ ماهو السبب وراء اهتمامنا برأي الآخرين تجاهنا أكثر من رأينا؟ لماذا نسعى بكل الطرق للحصول على المكانة الاجتماعية المرموقة، ونسعى لشراء الأشياء الأعلى من قدراتنا المادية؟ لماذا نرسل الكثير من الرسائل الوعظية في مختلف قنوات التواصل الاجتماعي؟ ما هو الفرق بين العمل الحقيقي وما نعتقد أنه عمل حقيقي؟ ماذا يعني أن نترك أثرًا؟ ولماذا يجب أن نهتم بترك الأثر؟
كل هذه الأسئلة طرحها وجاوب عليها الكاتب، حيث قسّم الكتاب لأربعة أقسام.
فتكلّم عن:
- المكانة.
- الأجر.
- الأثر.
- التنفيذ.
سنتناول اليوم في مقالنا هذا القسمين الأوّلين: المكانة والأجر.
المكانة
السعادة الفورية ومكانتنا بين العامة:
يقول الكاتب أننا نبحث عن سعادتنا من خلال تبوّؤنا لمكانتنا في المجتمع. وفي عصر سريع جداً، أصبحت هذه ’المكانة‘ المزعومة أقرب مما نتصوّر. حيث بإمكان العامة أن يجدوها في عدد اللايكات على صورهم الشخصية في مواقع التواصل الإجتماعي، أو من خلال نظرة الآخرين لهم، مهما كانت هذه النظرة غير حقيقية.
ولكن، ما علاقة المكانة بمفهوم الإنجاز!؟
أولاً، دعوني أخبركم أن الكاتب قسّم أنواع الإنجاز بكتابه الى قسمين. قسم أسماه ’الإنجاز‘ أو العمل الحقيقي! والقسم الثاني أسماه ’وهم الإنجاز‘ أو الإحساس بالإنجاز دون فعل يُذكر. والمشكلة تتشكّل عندما نخلط بين تحقيق الإنجاز الفعلي، وبين الإحساس بأننا أنجزنا. حيث تتحرّك الأغلبية من أجل الإحساس وليس من أجل العمل.
إذاً، مكانة = إنجاز !
وبعملية حسابية صغيرة، يمكننا الإستنتاج أننا نعتمد على سعادتنا بناءاً على مكانتنا في المجتمع، وفي نظرنا هذه المكانة هي التي تمنحنا شعور تحقيق الإنجاز.
محركات البحث عن المكانة لتحقيق وهم الإنجاز
يقول مشرف أن للمكانة الإجتماعية التي نسعى خلفها محركيّن أساسييّن:
- FOMO او الخوف من فوات الشيئ. وفي هذه الحالة، هذا الشيئ هو ’المعلومة‘. فيحرص الفرد على مجارات الآخرين في معرفة الأشياء، وإلاّ يغلب عليه إحساس الإنعزال أو التخلّف.
- البحث عن الحب والتقدير من خلال مشاركة الغير بما نفعله خلال يومنا كتصوير الأكل، أو الكتب التي سنقرأها، أو لباس جديد اشتريناه.. حتى وإن كان الهدف من وراء هذه المشاركات هي فقط من اجل إخبار الآخرين أننا فعلناها، وليس من أجل مشاركتهم الفائدة منها.
أمّا في الحديث عن سبب لهثنا وراء السعادة الفورية التي تزوّر لنا شعور الإنجاز الحقيقي، فيقول الكاتب انها بسبب غريزة أجدادنا القديمة في الإستيلاء على المكافأة التي في متناول اليد عوضاً عن المكافآت البعيدة، حيث كان توّفر الغذاء غير مؤكّد خلال اليوم.
الأجر
الأجر والإنسانية
في هذا القسم من الكتاب يشيد الكاتب الضوء على ظاهرة أسماها ’وهم الإنجاز في الحصول على الأجر‘. وهي التي تساهم بشكل غير مباشر بشعور الفرد بنوع من السعادة الفورية التي توهمه بأنه أنجز عملاً يستحق عليه الثناء.
الايميلات الوعظية ووهم الإنجاز
ضرب لنا مشرف مثال ’الايميلات الوعظية‘ التي تصلنا من أشخاص أرسلوا نفس الايميل لعشرات الأصدقاء غيرنا. وهذا ليس بالضرورة فعل خاطئ، إلاّ أن المُرسِل قد يشعر بعدها أنه أنجز الشيئ الكبير. وهو أمر غير صحيح. حيث يظل العمل الحقيقي والقيمة الحقيقية هي المُثبتة وسط زحام الأحاسيس الوهمية لتحقيق الإنجاز.
أين المشكلة؟
يقول مشرف أن :’المشكلة تكمن في سلوك الإرسال وليس المحتوى. والسبب ببساطة أن هذه الرسائل تعطي ‘صاحبها ايحاءً بالإنجاز وتستهتر بأهمية المصادر وجودتها. المقصود بذلك أن المُرسِل يحدد معظم من لديه في القائمة ويرسل لهم أذكاراً أو أدعية، أو نصائح تربوية، أو مقاطع عن الصحة بشكل مستمر. ويصوّر له عقله الباطن أن هذا الفعل كان محاولة رائعة لكسب الأجر السريع دون تعب.
كثير منا يريد الأجر الأسهل والأسرع، ولا يهمنا جودته ولا مدى تأثيره. إلاّ أن هذا النمط من التفكير سيقود الإنسان للإستمرار غير واعياً في البحث عن قنوات بسيطة ذات مردود أجري مستمر، لا تستدعي جهوداً فعّالة من أجل الآخرين. في حين أن تحقيق الإنجاز الفعلي لا يأتي عبر التكاسل عن العمل الحقيقي.
’فهم السلوك الإنساني والتفريق بين العاطفة والعقل، يعتبر أحد أهم الأمور التي نستطيع من خلالها استيعاب المحركات غير المعلنة في تصرفاتنا. ومع هذا الوعي، نستطيع بعدها اتخاذ القرارات المستقلة نحو إنجاز الأمور ذات القيمة الحقيقية.‘ يقول مشرف.
ميرا
فبراير 15, 2022 في 11:18 صمقال جميل جدا جدا تحمست اقرأ الكتاب شكرا سارة على هذه المشاركة القيمة