تجد الأم العاملة نفسها في حيرة وقلق حول عملها بعد الولادة.. فالتوفيق بين تربية الطفل واعطاءه العناية والاهتمام الكافي؛ وبين الاستمرار بالعمل المهني بكفاءة.. أمراً ليس سهلاً. ونرى كثير من النساء ينهين مشوارهن المهني من أجل الأمومة! ولكن ماذا لو كان هناك حضانة في مكان العمل للأمهات العاملات؟
أهمية وجود حضانة للأطفال في مكان العمل بالنسبة للأم
وجود حضانة للأطفال في مكان العمل هو حلم كل أم عاملة. فهذا يوفر عليها الوقت والجهد، ويريحها أيضاً من الضغوط النفسية.. فهي تستطيع الاطمئنان على طفلها في بيئة مناسبة ومختصة، بالإضافة إلى رعايته وتقديم الرضاعة الطبيعية بشكل أسهل مما تكون عندما لا تتوفر حضانة داخل العمل. وبالتالي زيادة إنتاجيتها ورغبتها في العمل.
كما أنه يعزز شعورها بالانتماء الوظيفي، على اعتبار أن الوظيفة التي توفر حضانة للأطفال داخلها، يعزز دور المرأة والأم معاً وأن واحداً منها لا يلغي الآخر.
ووجود هذه الحضانات ليس مفيداً للأم وحدها، فإنشاء حضانات جديدة في كل مكان عمل – أو حضانات مشتركة بين الشركات وأماكن العمل القريبة من بعضها-، يوفر فرص عمل جديدة داخل هذه الحضانات للكثيرين.
– وجود حضانات داخل العمل للأم العاملة في الدول العربية:
في الأردن
تنص المادة 72 من قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996 وتعديلاته:” على صاحب العمل الذي يستخدم ما لا يقل عن عشرين عاملة تهيئة مكان مناسب يكون بعهدة مربية مؤهلة لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن أربعة أعوام، على ألّا يقل عددهم عن عشرة أطفال”.
وفي دراسة أجرتها حملة” نحو بيئة عمل صديقة للمرأة” بالتعاون مع منظمة العمل الدولية عام 2016، والتي أجريت على قطاع الاتصالات من كلا الجنسين، أظهرت أن 88% من العاملين في القطاع يعتبرون وجود حضانة في مكان العمل أمر مهم، و86% منهم نادوا بتمديد إجازة الأمومة، بينما قال 85% منهم بضرورة تساوي الأجور بين الجنسين.
وفي عام 2018 جرت مطالبات بتعديل قانون العمل الأردني باشتراطه عشرين عاملة كي يكون هناك حضانة للأطفال، وطالبت بأخذ الحد بحسب عدد الأطفال لدى النساء العاملات.
كما جرت اقتراحات حول إنشاء حضانات مشتركة بين المنشآت في نفس المنطقة الجغرافية. مما يخفف العبء الاقتصادي والمساحي على أصحاب الأعمال، بإنشاء حضانة في كل مكان عمل.
مشاريع إنشاء الحضانات على أرض الواقع
يذكر أن وزارة العمل عملت على مشروع إنشاء حضانات في القطاع العام والخاص. ونجحت بدعم تجهيز افتتاح ل 11 حضانة في عدة مؤسسات هي: (جامعة البترا – مستشفى الإسراء – تجمع مصانع الضليل – مصنع الصافي – مصنع العرين – مصنع العصر – جامعة الإسراء – شركة باين تري – فندق اللاند مارك).
كذلك تم إنشاء 39 حضانة مؤسسية من خلال جهود التفتيش. وتدريب( 202) فتاة من مخزون ديوان الخدمة المدنية. وتشغيل( 33) مقدمة رعاية في الحضانات من مخزون ديوان الخدمة المدنية.
في الامارات العربية المتحدة:
1- في دبي:
في عام 2008 تم إطلاق المشروع الوطني للحضانات، من قبل سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم. وذلك تفعيلاً للقانون 19 الصادر عن مجلس الوزراء عام 2006، والمتعلق بإنشاء حضانات لأطفال الأمهات العاملات في مقار الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة والدوائر الحكومية.. أيضاً الدواوين.
أطلقت المبادرة بهدف تشجيع انخراط النساء في العمل. فوجود حضانات في بيئة العمل كما ذكرنا، يعزز ويسهل التوفيق بين العمل والأسرة.. كذلك يحسن من مستوى الرعاية اللازمة للطفل، وخلق فرص عمل جديدة.
نتائج المبادرة
وقد حققت هذه المبادرة أهدافها. فالآن يوجد حوالي 52 حضانة في أكثر من 20 جهة حكومية.. كما خلقت المبادرة فرص عمل لأكثر من 25 امرأة إماراتية في مؤسسة دبي للمرأة.
وانعكس المشروع كذلك على رفع نسبة السعادة الوظيفية، وزيادة الانتاجية والأداء الوظيفي. فوفق نتائج إستطلاع رأي قامت به المؤسسة للموظفات بالدوائر المحلية بإمارة دبي.. فضلت 93% من الموظفات المشاركات في هذا الاستطلاع إلحاق أطفالهن بدور حضانة في مكان العمل.
كما انخفضت نسبة إستقالة الأمهات العاملات في المؤسسات التي تحتوي على حضانة. وبالتالي احتفظت هذه المؤسسات على موظفاتها ذوي الخبرة والكفاءة.
2- في أبوظبي
أطلقت هيئة أبو ظبي للطفولة المبكرة عام 2022، برعاية سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان. مبادرة لتعميم علامة الجودة للمؤسسات التي توفر بيئة عمل داعمة للوالدين.
وتستهدف المبادرة مؤسسات القطاع الخاص والقطاع شبه الحكومي والقطاع الثالث في إمارة أبو ظبي. وذلك لتشجعيها على تطوير بيئة العمل لصالح الوالدين العاملين فيها.
وذلك لإيمانهم بأن بيئة العمل الداعمة للوالدين تعزز من زيادة انتاجية الوالدين، وتخفيف الضغوطات الحياتية، مما يعزز النمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي.
كما ينعكس ذلك على الأطفال، من النواحي المعرفية والعاطفية والسلوكية.
وتضمنت هذه المبادرة 19 معيار منها 8 معايير إلزامية، و11 معياراً اختيارياً، ضمن خمس فئات هي: إجازة الوالدية، أنماط العمل المرنة، الرعاية الأسرية، الرفاهية الأسرية، والثقافة المؤسسية، سيتم بناءً عليها تقييم المؤسسات المرشحة.
وأعلنت هيئة أبو ظبي للطفولة المبكرة في 8 يونيو لعام 2022، أسماء أول 6 جهات حصلت على علامة الجودة، هي: شركة سلال، وجمعية الإمارات للطبيعة، وبنك إتش سي بي سي(HCBC)، وطيران الإتحاد، وشركة مصدر، وشركة أبوظبي لإدارة رياضة السيارات.
هذه المبادرة واستمرارها للسنوات القادمة، سيحفز الكثير من المؤسسات لتحسين وتطوير بيئة عملها بما يخدم الوالدين والأطفال.
في النهاية، من حق المرأة أن تختار الأدوار التي تراها مناسبة لها. ودورها كأم لا يجب أن ينفي حقها في الانخراط بسوق العمل إذا كانت ترغب هي بذلك.
لذا يجب الاستمرار بالمطالبة بهذا الحق في كافة الدول. حتى لو لم تحصل المرأة على أفضل النتائج في البداية، فهي على الأقل تشق الطريق للأمهات العاملات بعدها.
روان عوض: من المحاماة إلى عالم الطفولة - كلنا أمهات
يونيو 25, 2024 في 10:11 ص[…] اخترنا لكِ، لماذا تحتاج الأم العاملة حضانة في مكان العمل؟ […]
روان أبو تايه -عواد-: من المحاماة إلى عالم الطفولة - كلنا أمهات
يونيو 25, 2024 في 11:02 ص[…] اخترنا لكِ، لماذا تحتاج الأم العاملة حضانة في مكان العمل؟ […]